أخر المقالات
تحميل...

مشهد الأرجوحة: قصة قصيرة




المشهد الأول :
سيدة في حديقة تلعب على أرجوحة، تبدو سعيدة، و تضحك بسخاء كأنها تنتظر.. و شعرها المجنون تعبث به النسمات أو هو من يعبث بها.. ( حسب إمكانيات التصوير و كفاءة مهندس الديكور )
و طفل يلصق جسده النحيل بالشجرة التي علقت عليها الأرجوحة.. طفل بريء تسمر مشدوها أمام شلال الجمال..
و خلف المشهد أطفال يلعبون.. ( مجرد كومبارس مجاني ) و سيارة أجرة تتوقــف...

المشهد الثاني
  - محاولة أولى :

غريب يترجل من السيارة.. يتسلل خلف السيدة دون أن يلمحه أحد أو هكذا يظن!  يؤرجحها بيديـــه
و كلما اقتربت منه حاول لمس شعرها..
تبتعد فيشتاقها أكثر، و يتوسل للأرجوحة ان تعيدها إليه في أسرع وقت..
و السيدة السعيدة قد انتبهت إليه لأنها ترتفع الأن أكثر بارجوحتها…  لكنها لا تمانع.. 
غيرة غاضبة ممزوجة ببكاء تعتري الطفل الذي يراقبها...
يجري بكل طاقته الطفولية ليخبر أهلها الذين يقيمون حفل شواء غير بعيد عنها لكنهم لا يظهرون في الصورة.. 
 يتركون الحفل و ينهالون على الغريب ضربا بالعصي و رجما بالحجر و ما استطاعو حمله من جمر...
في نهاية المشهد يلفظ الغريب أنفاسه الأخيرة و يختلفون في مصيره، فقائل:  يحرق ليكون عبرة.. و قائل: هذا عابر سبيل بريء و الذنب ذنب الأرجوحة.. و قائل:  كم حذرتكم أن هذه الأرجوحة قد علقت في المكان الخطأ.. لكنهم في الأخير يرقون لحاله و يهبونه لقب شهيد الشعر المجنون، يحفرون له لحدا تحت الشجرة  
و يكتبون عليه :
" هنا يرقد شاعر مجنون حاول أن يلمس شعرا مجنونا!.. ظنا منه أنه قصيدة "


المشهد الثاني
  - محاولة ثانية :

غريب يترجل من السيارة.. يقف إلى جوار الطفل النحيل دون أن يلقي أي تحية أو سلام، فجأة يعتريه جنون أن يكون هو الطفل..  بلا شعور و بعنف يدفعه و يتسمر مكانه، يتأمل شلال الجمال المنسكب من  بين ضحكات و تموجات صاخبة من شعر السيدة، و يسرح به الخيال، فيتمنى لو أنه هو من وضع قانون الجاذبية الذي يحرك الأرجوحة، أو أنه الشجرة التي علقت عليها…  و يذهب به الخيال بعيدا.. ليراها  تنزل برفق و تقترب بشوق ليكون بينهما عناق محموم…
فجأة يشعر بضربة قوية على رأسه.. تسقطه أرضا و ينهال عليه أهل الطفل الذي سقط على حجر حين دفعه و شج منه الرأس.. يضربونه بلا رحمة حتى الموت…
و في نفس اللحد الذي حفروه له في المحاولة الأولى يدفنونه و يهبونه من جديد لقب الشهيد
و يكتبون تحت الكتابة الأولى:

" ... و كان شاعرا يحلم.. على حساب الطفولة!  "


المشهد الثاني
  - محاولة أخيرة بعد الألف :

غريب يترجل من السيارة التي استنفذت كمية البنزين المخصصة لها من قبل المنتجين..  يقف مشدوها لا يتحرك، يجري الطفل إلى السيدة يوقف الأرجوحة و يهمس في سمعها :
- أظنه هو من تنتظرين أيتها الجميلة !
تلتفت السيدة كما الشمس حين تشرق من بين الغيوم، و تتسع الإبتسامة شيئا فشيئا  لتضم الغريب ضمن فيض الجمال..
وكأن الابتسامة صارت له الآن.. يتحركان بخطوات بطيئة.. يقتربان.. يقتربان... ( موسيقى و أوراق تتساقط و حركة كاميرا بطيئة .. )
و لا يكاد يشعر بدفء العناق حتى… ( صمت.. و دم...)

يتكرر الجزء الأخير من المحاولتين الأولى و الثانية و يشارك فيه ( مجانا / و تطوعا ) كل رواد الحديقة
غير أنهم هذه المرة لا يتنازعون فيه و يكتبون على الرمس:
" و قد اتضح أنه.. مجنون يعانق أميرة في حديقة "
و ينزعون عنه لقب الشاعر و الشهيد.

( بعد أخذ و رد بين المخرج و كتاب السيناريو و المنتجين تقرر حذف مشهد الأرجوحة نهائيا و تعويضه بأغنية لعصفور حزين فوق قبـــر الشاعر الغريب أو  المجنون اللاشهيد )

إرسال تعليق

أعلى الصفحة